السيد الرئيس باراك أوباما:؛
إنني أشعر بالسعادة وأنا أشارك العالم في الاحتفاء اليوم بما سيسجله التاريخ من نصر لكفاح الإنسان من أجل الحرية والعدالة في تاريخ العصر الحديث وليس فقط في تاريخ أميركا المعاصرة.؛
إن الكفاح من أجل تحقيق العدالة والحرية ليس له جنسية ولا حدود. وتوليك سدة الحكم يؤكد سيادة العدالة على الظلم، والإنسانية على التعصب الأعمى. ؛
لقد قطعتم شوطا طويلا بدءا من الأيام التي استعبد فيها الإنسان أخاه الإنسان، وقطعتم شوطا طويلا منذ الأيام التي سادت فيها أغلال الفصل العنصري وسلاسل التمييز بين البشر.؛
إن الإنسان بطبيعته ينشد الكرامة والسلامة، والشعب الأبي هو الذي لا يتنازل عنهما للشيطان. فمسيرة الحرية والتطلع إلى العدالة تبدأ منذ اللحظة التي يحاول فيها الأشرار فرض إرادتهم. وفي هذا الوقت يرفض بعض الناس الاعتقاد بأن بنك العدالة قد أفلس.؛
فقد رفض كل من مارتن لوثر كنج وجي روزا لويس وماكولي باركس ومالكولم أكس الاعتقاد بأن بنك العدالة قد أفلس. وبعد عقود من مسيرة الحرية المعروفة حيث كان الحصول على حق التصويت مجرد حلم، نشهد اليوم زمنا يُولّى فيه رجل أميركي من أصل أفريقي مفعم بالطموح والآمال أعلى منصب على الأرض. وهذا لا يشكل إلهاما للسود في أميركا وحسب، بل لجميع الشعوب في أرجاء المعمورة التي ما زالت تحلم بأن تنعم بالتحرر يوما ما من التعصب الأعمى.؛
إن هذا النجاح الذي حققته لم يكن الوحيد من نوعه، بل كان هناك أمثلة كثيرة انتهى مطاف بعضها بالطريقة التي نأملها جميعا كما حصل في جنوب أفريقيا، في حين أن بعضا آخر ما زال يكافح كما هي الحال في فلسطين. ومهما اختلفت الأسماء والأماكن، فإن الفضيلة دائما تبقى هي ذاتها، غير أن الأشرار لا ينام لهم جفن حتى يتمكنوا من حرمان الآخرين مما وهبهم الله.؛
قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتوضيح عناصر الشبه بين الأنظمة العنصرية في أميركا في السابق وبين الوضع في جنوب أفريقيا. لدينا القضية ذاتها والطموح نفسه الذي كان لدى شعبكم نحو الحرية والكرامة وحق العيش بحرية. ولم ينظر إلى هذه الأمور يوما ما باعتبارها تطلعات شريرة إلا في عيون الطغاة.؛
هذا هو فهمنا الذي كان ولا يزال، فنحن لم يُعهد علينا أننا خذلنا أي شخص لديه نفس الهدف النبيل. فلقد دعمنا وناصرنا وتضامنا مع شعب جنوب أفريقيا وشعب الولايات المتحدة في سعيهم إلى الحرية والعدالة. ولم نترككم تسيرون وحيدين في رحلتكم وسعيكم إلى الحرية. وإن الكثير من الأصدقاء المزعومين اليوم كانوا أصدقاء وشركاء لتلك الأنظمة الطاغية في جنوب أفريقيا، وأما غالبية شعوبنا فهي تعتبر نيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينغ أبطالا للإنسانية. ذلك أن نضالهما لم يكن يهدف إلى فرض أيديولوجية الكراهية وإنما لتحقيق العدل، ونحن لا نستطيع أن نسير وحيدين ويجب ألا نفعل ذلك، كما يجب علينا ونحن نواصل المسيرة التعهد بأننا لن نساوم أبدا على قيمنا وأحلامنا. ولا يمكننا أن نرضى أبدا طالما بقينا ضحايا للفظائع التي لا توصف من جراء وحشية الاحتلال، وإن الـ1330 من الشهداء الذين قضوا على أيدي قوات الاحتلال والـ5500 الذي جرحوا في غزة لم يلقوا ذلك المصير بسبب انتمائهم السياسي، بل لأنهم فلسطينيون يبحثون عن الحرية وإن أفضل الفلسطينيين والذين يعدون مقبولين في نظر الاحتلال هم الفلسطينيون الموتى، ونحن مصممون على ألا نجعل حلم الاحتلال هذا يتحقق. ؛
إن ذلك النوع من الجنون الذي انصب على غزة لا يعبر عن شيء سوى مدى اليأس الحقيقي الذي وصل إليه الاحتلال، وإن أكثر الأوقات ظلمة من الليل هو ذلك الجزء الذي يأتي قبيل بزوغ الفجر، ونحن لم نكن أبدا قريبون من الحرية بقدر ما نحن قريبون منها في اللحظة الراهنة. إن سلفكم كان على الجانب الخطأ، كان في جانب الأشرار، ولما كنتم الرجل الذي يمثل النصر بعد طريق طويل وشاق من النضال، فإننا نأمل أن تقوموا بتصحيح أخطاء الإدارة السابقة.؛
وليس بمقدورنا أن نكون راضين ما دمنا محرومين من كل الحقوق الإنسانية المصانة لشعب الولايات المتحدة والشعوب الأخرى في العالم. ونحن اليوم ننضم إليكم في مسيرة التغيير، التغيير الذي سيجلب العدالة لجميع الناس. وربما لن تلاموا إذا لم تتحقق العدالة لتشمل العالم بأكمله، لكنكم قطعا ستلامون إذا ما لوحظ أنكم تدافعون عن الطغاة والمستبدين.؛
شعوب كثيرة حول العالم تراقب خطاكم في نفس اللحظة التي تعول فيها عليكم في تحقيق آمالها، فلا تخذلوا الشعوب التي ما انفكت تدعم قضيتكم، وإن البوابة الوحيدة إلى العالم الإسلامي هي عبر فلسطين. وبوابة العالم الإسلامي وهي فلسطين معروفة جيدا، ومفتاحها هو العدالة والحرية للفلسطينيين. ونحن ننتظر ونرحب بكل أولئك الذين يرغبون في العبور من تلك البوابة، ونأمل أن لا يمضي زمن طويل قبل أن تكونوا أمام تلك البوابة.؛
؛
(نقلا عن الجزيرة نت)
Labels: Haniyeh, Letter, Obama, Palestine, أمريكا, أوباما, اسماعيل, باراك, حماس, رسالة, فلسطين, هنية